أعتاد أحد أساتذة الموسيقى المشهورين أن يتحدث لتلاميذه بحماس شديد عن أهمية وجود لحظات سكون تتخلل المقطوعات الموسيقية وكان التلاميذ الجدد يعتقدون أن أستاذهم يبالغ كثيرا في ذلك .
لكن بعد أن مارسوا عملياً ما كان يعلمه لهم ازدادوا اقتناعا بأنه بدون هذه اللحظات الساكنة بين بعض الجمل الموسيقية فأن المقطوعة الموسيقية المعزوفة سوف تفقد الكثير من روعتها وجمالها .
هكذا الحال في كل مقطوعة موسيقية نسمعها , إننا نستمتع كثيرا بلحظات السكوت التي تتخللها . وهكذا الأمر في حياتنا أيضا فان لم تكن هناك لحظات من السكون والسكوت فلن يكن للحياة جمال وقوة .
تعود أن تخصص جزء من يومك تلتقي فيه مع إلهك ومع نفسك في هدوء.
هذا ما كان يفعله يسوع مع تلاميذه , كان يأخذهم إلى موضع خلاء ليستريحوا قليلا . إنها حقا لحظات ذهبية تلك التي تقضيها في شركة مع إلهك فتجدد طاقتك وترفع معنوياتك وتبدد مخاوفك وترفع عنك همومك .
إن الذين يدركون فوائد هذه الخلوة يخصصون لها أفضل ساعات يومهم , لأنهم يدركون انه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان , ولا يقدرون على العيش بدونها .
في يوم من الأيام دخل طفل إلى مكتب أبيه المنهمك في عمله , سار نحوه وجلس أمامه , فسأله أبوه : ماذا تريد مني يا بني ؟ فأجابه الصغير في هدوء : لا شيء يا أبي 00 فقط جئت لأكون معك .
ما أكثر الذين يخطئون وهم يظنون إن الخلوة هي تقديم طلبات وتوسلات إلى الله فقط , لكنها قبل أن تكون هكذا هي أولا التمتع بالتواجد في حضرة الرب , إنها حقا لحظات ذهبية فاقتنصها ولا تضيعها 0